بعد غياب طويل سببه الأساسي العديد من المشاغل اليومية، أعود الآن وكلي شغف ورغبة لاستئناف نشاط مدونتي هذه، التي تعطيني مساحة خاصة للتعبير عن رأيي الشخصي في عدة قضايا تهم بلدنا العزيز، المغرب.
أود أن أستهل هذه العودة بالحديث عن موضوع يشغل بال الرأي العام خلال هذه الفترة، ويتعلق الأمر بقضية الصحراء و "حرب الصور" التي شنتها وسائل الإعلام الإسبانية على المغرب لتشويه صورة بلادنا في الأوساط الدولية.
لحسن الحظ ظهر الحق وزهق الباطل وتبين للرأي العام الدولي أن الصورة التي نشرتها الصحف الإسبانية لطفلين جريحين، وزعمت أنهما لضحايا "القمع" المغربي في الصحراء، ما هي في الواقع إلا صورة لطفلين فلسطينيين أصيبا بجروح خلال العدوان الإسرائيلي على غزة قبل سنتين.
ولم تقف عمليات تشويه صورة المغرب هنا، بل انتقلت كذلك إلى التلفزيون حيث بثت القناة الثالثة الإسبانية صورة لجريمة قتل في الدار البيضاء وقعت في بداية هذا العام، على أنها صورة لضحايا تدخل القوات المغربية لتفكيك مخيم "أكديم إزيك" في مدينة العيون الصحراوية.
شخصيا لست من مؤيدي "نظرية المؤامرة"، لكن أن تقوم وسائل الإعلام الإسبانية بنشر صور مغالطة دون أن تكلف نفسها عناء فحص صحة هذه الصور، فمن الصعب اعتبار هذا الأمر من باب الخطأ العفوي، خصوصا وأننا نتحدث هنا عن إعلام "متطور" إلى حد ما، ينتمي إلى دولة عضوة في الإتحاد الأوروبي، إعلام قطع أشواطا طويلة في الممارسة الصحفية ويدرك أن القاعدة الأساسية لمهنة الصحافة هي الفحص الدقيق للخبر والصورة قبل نشرهما أو بثهما.
فكيف يا ترى يقع الإعلام الإسباني في خطأ مهني فادح مثل هذا؟ فهل الأمر يتعلق بخطأ متعمد أم هو نتيجة انسياق وسائل الإعلام الإسبانية مع أطروحة الإنفصاليين الصحراويين؟
مهما يكن من أمر فإن ما حدث يعتبر ضربة قوية لمصداقية وسائل الإعلام الإسبانية ومصدر إحراج لجمعيات المجتمع المدني الإسباني التي ما فتئت تتعاطف مع حركة "بوليزاريو".
في الختام أتمنى أن تأخذ وسائل الإعلام الإسبانية العبرة من هذا الخطأ (إن كان فعلا خطأ) وتتعامل مستقبلا مع قضية الصحراء بتوازن مهني، بعيدا عن ردود الفعل العاطفية والمواقف المتشنجة.