أمر مؤسف للغاية أن تجد صحفيين ومثقفين ومواطنين من بلدين عربيين يتبادلون السب والقذف والشتائم والتهديدات عبر وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية على خلفية مباراة كرة القدم بين مصر والجزائر.
لقد أظهرت الأجواء المشحونة والمتوثرة التي أحاطت بتلك المباراة أن شعارات "الوحدة" و "القومية العربية" و"المصير المشترك" ... كلها شعارات جوفاء وعقيمة، لم يعد لها مجال في الواقع اليومي للعرب.
هناك كذلك أمر آخر أحاط بهذه المباراة، يستحق الوقوف عنده ويتعلق الأمر باستطلاعات الرأي المنشورة في بعض الصحف المغربية والتي أظهرت أن معظم المغاربة يتمنون تأهل الجزائر إلى كأس العالم على حساب مصر، وذلك رغم الخلافات السياسيىة بين البلدين الجارين حول قضية الصحراء.
الغريب في الأمر أن مصر التي تدعم الموقف المغربي في هذه القضية لم تنل عطف الشارع المغربي، بينما الجزائر التي ما فتئت تساند "البوليساريو" وتقف جاهدة ضد الحل المغربي للنزاع تحظى بتشجيع الجمهور المغربي.
قد لا يكون هناك مجال للعاطفة في السياسة لكن هذا "الدعم" الرياضي المغربي للجزائر يعتبر رسالة "عاطفية" قوية، يصعب على المسؤولين الجزائريين تجاهلها في تعاملهم مع مشاعر الشعب المغربي تجاه هذه القضية.
وإذا كانت "دبلوماسية البينغ بونغ" قد ساهمت في التقارب بين الولايات المتحدة والصين خلال السبعينات على خلفية الحرب الباردة آنذاك، فلماذا لا تستطيع "دبلوماسية كرة القدم" أن تصلح ما أفسدته الدبلوماسية التقليدية بين المغرب و الجزائر؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق