هل فعلا حقق المغرب انتصارا ديبلوماسيا في قضية أمينتو حيدر أم أن الحكومة تحاول إخفاء فشلها في إدارة هذا الملف الذي أخذ أبعادا دولية لم تكن في حسبان المسؤولين عندما اتـخذوا قرار إبعاد هذه المرأة الشقية؟
سؤال يفرض نفسه في خضم النقاش الدائر حول هذه القضية، خصوصا وأن عودة هذه الإنفصالية إلى المغرب تم بدون أن تتقيد بالشروط التي وضعتها الحكومة المغربية للسماح لها بالعودة.
الموقف المغربي الرسمي يؤكد أن السماح بعودة السيدة حيدر إلى أرض الوطن كان مبنيا على اعتبارات إنسانية.
لكن مقابل ذلك، يعتقد بعض المراقبين أن المغرب تمكن من تحقيق مكاسب ديبلوماسية، تتجلى في اعتراف كل من فرنسا وإسبانيا بضرورة وجود التشريع المغربي في المناطق الصحراوية الواقعة تحت السيادة المغربية.
إضافة إلى ذلك، فإنه يبدوأن المغرب قد حصل على ضمانات بعدم صدور أي قرار أممي من شأنه أن يوسع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان.
لكن رغم هذه المكاسب، هناك من يرى بأن عودة أمينتو حيدر يعتبر فشلا للديبلوماسية المغربية التي تراجعت عن موقفها المبدئي ورضخت للضغوط الدولية.
في الواقع من الصعب توجيه كل التهم واللوم للخارجية وجعلها تتحمل ما لا طاقة لها به.
فالإعتقاد السائد هو أن قرار إبعاد أمينتو لم تكن الخارجية مسؤولة عنه، لكن رغم ذلك فإن دورها هو إقناع الرأي العام الدولي بمشروعية هذا القرار من خلال تقديم طرح شامل ومقنع للقضية.
في هذا الصدد أعتقد أن مهمة الخارجية المغربية كانت من الصعوبة بمكان، خصوصا وأن الجانب الإنساني للقضية، الذي تجلى في الإضراب عن الطعام الذي قامت به أمينتو حيدر وتضامن منظمات إنسانية وشخصيات دولية معها، طغى إلى حد كبير على الإعتبارات القانونية للقضية والتي كانت "السلاح" الوحيد الذي تتوفرعليه الخارجية للدفاع عن الموقف المغربي.
فالجانب الإنساني إدن كان هو نقطة ضعف الموقف المغربي، ولم تتمكن الديبلوماسية المغربية من تجاوز ذلك.
قد يكون المغرب حقق مكاسب سياسية في هذه القضية، لكن ألم يكن الثمن باهضا من ناحية المس بصورة المغرب في الخارج وهبة الدولة في الداخل؟
لنكن واضحين مع أنفسنا: لقد وقعنا في كمين نصبه لنا أعداء وحدتنا الترابية حيث تسرعنا في اتخاذ قرار إبعاد أمينتو حيدر في الوقت الذي كانت لدينا إمكانية التعامل مع القضية داخليا.
كل ما في الأمر هو أنني أتمنى أن نأخذ العبرة من هذه القضية في المستقبل وأن لا نقع بسهولة في كمين آخر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق